الرادار البحري Marine RADAR

الرادار البحري Marine RADAR
الرادار البحري: عين السفينة التي لا تنام
تعريف الرادار
الرادار (Radar) هو اختصار لعبارة Radio Detection and Ranging أي “الكشف والتحديد باستخدام الموجات الراديوية”. ويُعد من أهم الأجهزة الإلكترونية في السفن الحربية والتجارية وحتى في الزوارق الصغيرة. يتمثل دوره الأساسي في مساعدة البحّارة على اكتشاف الأجسام المحيطة بالسفينة مثل السفن الأخرى، العوامات، السواحل، الجزر وحتى الأجسام الطافية في البحر، خصوصاً في ظروف ضعف الرؤية مثل الضباب، الأمطار الغزيرة أو أثناء الليل.
طريقة عمل الرادار
يعمل الرادار بطريقة بسيطة في فكرتها لكنها متطورة جداً في تقنيتها. يقوم الجهاز بإرسال موجات راديوية عالية التردد عبر هوائي دوّار يغطي كامل الاتجاهات حول السفينة. وعندما تصطدم هذه الموجات بأي جسم، فإنها ترتد مرة أخرى نحو هوائي الاستقبال.
يقيس النظام الزمن الذي استغرقته الموجة في الذهاب والعودة، ومن خلال ذلك يمكن حساب المسافة إلى الجسم. كما يحدد اتجاه الهوائي لحظة استقبال الموجة المرتدة زاوية موقع الهدف. وبذلك يظهر على شاشة الرادار رسم دقيق للأجسام المحيطة بالسفينة في دائرة تُعرف باسم شاشة PPI (Plan Position Indicator).
هذا المبدأ البسيط جعل الرادار بمثابة “العين الإلكترونية” التي ترصد كل ما قد يشكل خطراً أو عائقاً أمام السفينة.
أنواع الرادار البحري
تستخدم السفن عادة نوعين رئيسيين من الرادار: رادار النطاق S (S-Band) و رادار النطاق X (X-Band). ورغم أن كلاهما يعمل بالمبدأ نفسه، إلا أن هناك فروقاً أساسية بينهما من حيث التردد والطول الموجي والاستخدامات.
أولاً: رادار S-Band
التردد: يعمل عادة في نطاق 2 – 4 جيجاهرتز.
الطول الموجي: يتراوح بين 8 إلى 15 سنتيمتراً تقريباً.
مدى التغطية: يستطيع تغطية مسافات طويلة تصل إلى عشرات الأميال البحرية.
الفائدة والاستخدام:
يتميز رادار S-Band بقدرته على العمل بكفاءة عالية في الظروف الجوية السيئة مثل الأمطار الغزيرة أو الضباب الكثيف، وذلك لأن الطول الموجي الكبير يسمح للموجات باختراق العوائق الجوية دون أن تتشتت كثيراً.
يُستخدم عادة في الملاحة البعيدة المدى ورسم صورة شاملة للأهداف الكبيرة مثل السفن الضخمة أو السواحل والجزر.
يُعتمد عليه بشكل خاص في السفن التجارية الكبيرة وسفن الرحلات البحرية، حيث يُعتبر وسيلة آمنة لرصد البيئة المحيطة في عرض البحر.
ثانياً: رادار X-Band
التردد: يعمل في نطاق 8 – 12 جيجاهرتز.
الطول الموجي: يتراوح بين 2.5 إلى 3.75 سنتيمتر تقريباً.
مدى التغطية: مناسب لمسافات أقصر مقارنة بـ S-Band، لكنه أكثر دقة في المدى القريب.
الفائدة والاستخدام:
يتميز رادار X-Band بدقته العالية وقدرته على رسم تفاصيل دقيقة جداً للأهداف الصغيرة مثل القوارب الصغيرة، عوامات الملاحة، وحتى القطع المعدنية الطافية.
يُستخدم عادة في الملاحة القريبة، خصوصاً عند الاقتراب من الموانئ أو المرور عبر الممرات الضيقة، حيث يحتاج الربان إلى صورة دقيقة للتفاصيل.
يتميز بقدرته الكبيرة على دعم أنظمة الكشف التلقائي للأهداف الصغيرة التي قد لا تظهر على رادارات S-Band.
الفرق بين S-Band وX-Band
لفهم الفرق بينهما يمكننا تلخيص النقاط الأساسية:
- التردد والطول الموجي:
S-Band: تردد منخفض وطول موجي طويل → مقاومة أفضل للعوامل الجوية.
X-Band: تردد مرتفع وطول موجي قصير → دقة أعلى في المدى القريب.
- المدى:
S-Band: مناسب للمدى البعيد ورصد الأهداف الكبيرة.
X-Band: مناسب للمدى القريب ورصد الأهداف الصغيرة.
- الظروف الجوية:
S-Band: لا يتأثر كثيراً بالأمطار أو الضباب.
X-Band: قد يتأثر نسبياً بسوء الأحوال الجوية.
- الدقة:
S-Band: أقل دقة في التفاصيل الصغيرة.
X-Band: أكثر دقة ووضوحاً.
لهذا السبب، فإن معظم السفن مجهزة بكلا النوعين معاً، بحيث يكمل كل منهما الآخر ويمنح طاقم السفينة صورة شاملة ومتكاملة.
كيفية اكتشاف الأهداف
عندما ترتد الموجات الراديوية من الأجسام المختلفة، فإن الرادار يعرضها على الشاشة كنقاط مضيئة. حجم النقطة وشدة الإشارة قد تدل على حجم الهدف أو بعده. على سبيل المثال:
سفينة كبيرة تظهر ككتلة واضحة وقوية الإشارة.
قارب صغير يظهر كنقطة دقيقة، خصوصاً في رادار X-Band.
الساحل يظهر بخط متصل يوضح شكل اليابسة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أنظمة الرادار الحديثة مزودة بقدرات رقمية مثل:
تتبع الأهداف تلقائياً (ARPA): حيث يمكن للنظام متابعة مسار الهدف وحسابه.
الإنذارات المبكرة: تنبيه الطاقم عند اقتراب خطر الاصطدام.
الدمج مع أنظمة الملاحة الإلكترونية (ECDIS): مما يعطي صورة موحدة تجمع الخرائط الإلكترونية مع بيانات الرادار.
أهمية الرادار البحري
الرادار ليس مجرد جهاز إضافي، بل هو جزء أساسي من منظومة السلامة البحرية، حيث:
يساعد على تجنب الاصطدامات والحوادث.
يتيح الملاحة الآمنة ليلاً ونهاراً وفي جميع الظروف الجوية.
يُستخدم في عمليات البحث والإنقاذ لتحديد مواقع السفن أو القوارب المفقودة.
يساهم في دقة دخول السفن إلى الموانئ المزدحمة والممرات المائية الضيقة.
الأخطاء والتشويش في الرادار البحري
رغم التطور الكبير في تكنولوجيا الرادار، إلا أن هناك بعض الأخطاء والتشويشات التي قد تؤثر على دقة العرض:
- تشويش البحر (Sea Clutter):
يحدث بسبب ارتداد الموجات من سطح البحر المتحرك، خاصة عند ارتفاع الأمواج.
يظهر على الشاشة كمنطقة عشوائية مضيئة حول السفينة.
المعالجة: استخدام مرشحات خاصة مثل STC (Sensitivity Time Control) أو تقليل حساسية الجهاز قرب السفينة لتمييز الأهداف الحقيقية عن الأمواج.
- تشويش المطر (Rain Clutter):
ينتج عن انعكاس الموجات من قطرات المطر أو الثلج الكثيف.
قد يجعل الشاشة مليئة ببقع مشوشة.
المعالجة: استخدام خاصية Rain Clutter Control التي تقلل حساسية الرادار في مواجهة الإشارات الناتجة عن المطر.
- الظلال (Shadow Effect):
يحدث عندما يمنع جسم كبير (مثل جبل أو سفينة ضخمة) الموجات من الوصول إلى منطقة معينة.
تظهر مناطق فارغة خلف الجسم.
المعالجة: تحريك السفينة أو تغيير زاوية الهوائي للكشف عن تلك المناطق.
- الأهداف الكاذبة (False Echoes):
تظهر بسبب الانعكاسات المتعددة للموجات بين جسمين (مثلاً بين سطح السفينة والماء).
تبدو على الشاشة كأهداف غير موجودة فعلياً.
المعالجة: التعرف عليها بخبرة الملاح، واستخدام وضعيات مختلفة للرادار لتأكيد الهدف.
- فقدان الأهداف الصغيرة:
قد لا يظهر القارب الصغير وسط تشويش البحر.
المعالجة: استخدام رادار X-Band لدقته العالية، أو تفعيل خاصية Automatic Target Tracking (ARPA) لمتابعة الأهداف.
- تشويش الأجهزة الأخرى (Interference):
يحدث عندما تكون هناك أجهزة رادار أخرى على نفس التردد قريباً.
يظهر على شكل خطوط أو نقاط غير منتظمة على الشاشة.
المعالجة: تغيير تردد التشغيل (Frequency Tuning) أو استخدام تقنيات تقليل التشويش الرقمي.
كيفية اكتشاف الأهداف بدقة
يعرض الرادار الأجسام على الشاشة كنقاط مضيئة تختلف شدتها حسب حجم الهدف وبعده.
الأهداف الكبيرة مثل السفن أو السواحل → إشارات واضحة.
الأهداف الصغيرة مثل قوارب الصيد أو عوامات الملاحة → نقاط دقيقة تحتاج رادار X-Band لتمييزها.
كما أن الأنظمة الحديثة مثل ARPA تقوم بحساب سرعة واتجاه الهدف وتنبه القبطان عند وجود خطر اصطدام.
خاتمة
الرادار البحري هو حجر الأساس في الملاحة الحديثة، فهو لا يقتصر على اكتشاف الأهداف فقط بل يتعامل مع التشويش والأخطاء عبر تقنيات متقدمة تضمن للربان صورة أقرب إلى الواقع. وبفضل وجود راداري S-Band و X-Band معاً، يمكن للسفن أن تجمع بين المدى الطويل والدقة العالية، مما يجعل الإبحار أكثر أماناً في جميع الظروف.
الرادار البحري Marine RADAR
الرادار البحري Marine RADAR
الرادار البحري Marine RADAR
الرادار البحري Marine RADAR
الرادار البحري Marine RADAR
المصادر والمراجع
- Bowditch, N. (2021). The American Practical Navigator. National Geospatial-Intelligence Agency.
- IMO (International Maritime Organization). Radar Navigation, Radar Plotting and Use of ARPA. London.
- GMDSS Manual (2022). Global Maritime Distress and Safety System Manual. IMO Publications.
- Weir, W. (2019). Principles of Naval Radar Systems. Naval Institute Press.
- مواقع تدريب إلكترونية متخصصة في الملاحة البحرية مثل: